قصة زكريا وابنه يحيى عليهما السلام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 15 محرم 1437هـ | عدد الزيارات: 9963 القسم: قصص الأنبياء -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال الله تعالى في كتابه العزيز : كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا مريم : 1 - 15
وقال تعالى : وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار آل عمران : 37 - 41
وقال تعالى في سورة " الأنبياء " : وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين الأنبياء : 89 ، 90 وقال تعالى : وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين الأنعام : 85 قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في كتابه " التاريخ " المشهور الحافل : زكريا بن حنا ويقال : زكريا بن دان ، ويقال : زكريا بن أدن بن مسلم بن صدوق بن محمان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برحية بن ملقاطية بن ناحور بن سلوم بن بهفانيا بن حاش بن أني بن خثعم بن سليمان بن داود ، أبو يحيى النبي عليه السلام ، من بني إسرائيل ، دخل البثنية من أعمال دمشق في طلب ابنه يحيى وقيل : إنه كان بدمشق حين قتل ابنه يحيى والله أعلم وقد قيل غير ذلك في نسبه ويقال فيه : زكرياء بالمد وبالقصر ويقال : زكري أيضا
والمقصود أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقص على الناس خبر زكريا عليه السلام ، وما كان من أمره حين وهبه الله ولدا على الكبر ، وكانت امرأته عاقرا في حال شبيبتها ، وقد أسنت أيضا ; حتى لا ييأس أحد من فضل الله ورحمته ، ولا يقنط من فضله ، تعالى وتقدس ، فقال تعالى : ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال قتادة عند تفسيرها : إن الله يعلم القلب النقي ويسمع الصوت الخفي وقال بعض السلف : قام من الليل فنادى ربه مناداة أسرها عمن كان حاضرا عنده ; مخافتة فقال : يا رب ، يا رب ، يا رب فقال الله : لبيك ، لبيك ، لبيك قال رب إني وهن العظم مني أي : ضعف وخار من الكبر واشتعل الرأس شيبا استعارة من اشتعال النار في الحطب ، أي غلب على سواد الشعر شيبه

وهكذا قال زكريا عليه السلام : إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا وقوله : ولم أكن بدعائك رب شقيا أي : ما عودتني فيما أسألك فيه إلا الإجابة وكان الباعث له على هذه المسألة ، أنه لما كفل مريم بنت عمران بن ماثان ، وكان كلما دخل عليها محرابها وجد عندها فاكهة في غير أوانها ، ولا في أوانها ، وهذه من كرامات الأولياء ، فعلم أن الرازق للشيء في غير أوانه قادر على أن يرزقه ولدا ، وإن كان قد طعن في سنه هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء وقوله : وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا قيل : المراد بالموالي العصبة ، وكأنه خاف من تصرفهم بعده في بني إسرائيل بما لا يوافق شرع الله وطاعته ، فسأل وجود ولد من صلبه يكون برا تقيا مرضيا ، ولهذا قال : فهب لي من لدنك أي : من عندك بحولك وقوتك وليا يرثني أي : في النبوة والحكم في بني إسرائيل ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يعني كما كان آباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب أنبياء ، فاجعله مثلهم في الكرامة التي أكرمتهم بها من النبوة والوحي
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان زكريا نجارا وهكذا رواه مسلم ، وابن ماجه من غير وجه عن حماد بن سلمة به وقوله : يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا وهذا مفسر بقوله : ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد فلما بشر بالولد وتحقق البشارة ، شرع يستعلم - على وجه التعجب - وجود الولد ، والحالة هذه له : قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا أي : كيف يوجد ولد من شيخ كبير ، قيل : كان عمره إذ ذاك سبعا وسبعين سنة والأشبه ، والله أعلم ، أنه كان أسن من ذلك وكانت امرأتي عاقرا يعني ، وقد كانت امرأتي في حال شبيبتها عاقرا لا تلد والله أعلم كما قال الخليل : أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون وقالت سارة : يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد هود : 72 ، 73 وهكذا أجيب زكريا ، عليه السلام ; قال له الملك الذي يوحي إليه بأمر ربه : كذلك قال ربك هو علي هين أي : هذا سهل يسير عليه وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا أي : قدرته أوجدتك بعد أن لم تكن شيئا مذكورا ، أفلا يوجد منك ولدا وإن كنت شيخا كبيرا ؟! وقال تعالى : فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين الأنبياء : 90 ومعنى إصلاح زوجته ، أنها كانت لا تحيض فحاضت، قال رب اجعل لي آية أي : علامة على وقت تعلق مني المرأة بهذا الولد المبشر به قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا يقول : علامة ذلك أن يعتريك سكت ، لا تنطق معه ثلاثة أيام إلا رمزا ، وأنت في ذلك سوي الخلق ، صحيح المزاج ، معتدل البنية وأمر بكثرة الذكر في هذه الحال بالقلب ، واستحضار ذلك بفؤاده بالعشي والإبكار ، فلما بشر بهذه البشارة ، خرج مسرورا بها على قومه من محرابه فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا والوحي هاهنا هو الأمر الخفي ; إما بكتابة ، كما قاله مجاهد ، والسدي أو إشارة ، كما قاله مجاهد - أيضا - ووهب ، وقتادة قال مجاهد ، وعكرمة ، ووهب ، والسدي ، وقتادة : اعتقل لسانه من غير مرض وقال ابن زيد : كان يقرأ ويسبح ، ولكن لا يستطيع كلام أحد وقوله : يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا يخبر تعالى عن وجود الولد وفق البشارة الإلهية لأبيه زكريا ، عليه السلام ، وأن الله علمه الكتاب والحكمة وهو صغير في حال صباه قال عبد الله بن المبارك : قال معمر : قال الصبيان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب فقال : ما للعب خلقنا قال : وذلك قوله : وآتيناه الحكم صبيا وأما قوله : وحنانا من لدنا فروى ابن جرير ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال : لا أدري ما الحنان وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك : وحنانا من لدنا أي : رحمة من عندنا رحمنا بها زكريا ، فوهبنا له هذا الولد وعن عكرمة : ( وحنانا ) أي : محبة عليه ويحتمل أن يكون ذلك صفة لتحنن يحيى على الناس ، ولا سيما على أبويه ، وهو محبتهما والشفقة عليهما ، وبره بهما وأما الزكاة فهو طهارة الخلق وسلامته من النقائص والرذائل والتقوى طاعة الله بامتثال أوامره وترك زواجره ثم ذكر بره بوالديه وطاعته لهما أمرا ونهيا ، وترك عقوقهما قولا وفعلا ، فقال : وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا ثم قال : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا هذه الأوقات الثلاثة أشد ما تكون على الإنسان ; فإنه ينتقل في كل منها ، من عالم إلى عالم آخر فيفقد الأول بعد ما كان ألفه وعرفه ، ويصير إلى الآخر ولا يدري ما بين يديه ; ولهذا يستهل صارخا إذا خرج من بين الأحشاء وفارق لينها وضمها ، وينتقل إلى هذه الدار ليكابد همومها وغمومها ، وكذلك إذا فارق هذه الدار ، وانتقل إلى عالم البرزخ بينها وبين دار القرار ، وصار بعد الدور والقصور ، إلى عرصة الأموات سكان القبور ، وانتظر هناك النفخة في الصور ليوم البعث والنشور ، فمن مسرور ومحبور ، ومن محزون ومثبور ، وما بين جبير ومكسور ، وفريق في الجنة وفريق في السعير ولقد أحسن بعض الشعراء حيث قال :

ولدتك أمك باكيا مستصرخا *** والناس حولك يضحكون سرورا
فاحرص لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم موتك ضاحكا مسرورا

ولما كانت هذه المواطن الثلاثة أشق ما تكون على ابن آدم سلم الله على يحيى في كل موطن منها ، فقال : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، أن الحسن قال : إن يحيى وعيسى التقيا فقال له عيسى : استغفر لي ، أنت خير مني فقال له الآخر : استغفر لي ، أنت خير مني فقال له عيسى : أنت خير مني ; سلمت على نفسي ، وسلم الله عليك فعرف والله فضلها وأما قوله في الآية الأخرى : وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين أي هو الذي يكف عن النساء ولا يقربهن مع القدرة وهذا أصح الأقوال لوجهين : أحدهما أنه مدح وثناء عليه ، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلة في الغالب . الثاني أن فعولا في اللغة من صيغ الفاعلين

وروى الحافظ ابن عساكر ، من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، قال : ذكر لنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سمعوا من علماء بني إسرائيل ، أن يحيى بن زكريا أرسل بخمس كلمات ذكروا أن يحيى ، عليه السلام ، كان كثير الانفراد من الناس ، إنما كان يأنس إلى البراري ، ويأكل من ورق الأشجار ، ويرد ماء الأنهار ، ويتغذى بالجراد في بعض الأحيان ، ويقول : من أنعم منك يا يحيى وروى ابن عساكر ، أن أبويه خرجا في تطلبه ، فوجداه عند بحيرة الأردن ، فلما اجتمعا به أبكاهما بكاء شديدا ; لما هو فيه من العبادة والخوف من الله عز وجل وقال ابن وهب عن مجاهد ، قال : كان طعام يحيى بن زكريا العشب ، وإن كان ليبكي من خشية الله ، حتى لو كان القار على عينيه لحرقه وروى محمد بن يحيى الذهلي: عن ابن شهاب ، قال : جلست يوما إلى أبي إدريس الخولاني وهو يقص ، فقال : ألا أخبركم بمن كان أطيب الناس طعاما ؟ فلما رأى الناس قد نظروا إليه قال : إن يحيى بن زكريا ، كان أطيب الناس طعاما ; إنما كان يأكل مع الوحش ; كراهة أن يخالط الناس في معايشهم وقال ابن المبارك ، عن وهيب بن الورد ، قال : فقد زكريا ابنه يحيى ثلاثة أيام ، فخرج يلتمسه في البرية ، فإذا هو قد احتفر قبرا وأقام فيه يبكي على نفسه فقال : يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام ، وأنت في قبر قد احتفرته ، قائم تبكي فيه ؟! فقال : يا أبت ، ألست أنت أخبرتني أن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين ؟ فقال له : ابك يا بني فبكيا جميعا وهكذا حكاه وهب بن منبه ، ومجاهد بنحوه وروى ابن عساكر عنه ، أنه قال : إن أهل الجنة لا ينامون للذة ما هم فيه من النعيم ، فكذا ينبغي للصديقين أن لا يناموا ; لما في قلوبهم من نعيم المحبة لله عز وجل ثم قال : كم بين النعيمين وكم بينهما وذكروا أنه كان كثير البكاء ، حتى أثر البكاء في خديه من كثرة دموعه

وذكروا في قتله أسبابا كثيرة ; من أشهرها أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه ، أو من لا يحل له تزويجها ، فنهاه يحيى ، عليه السلام ، عن ذلك ، فبقي في نفسها منه ، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها ، استوهبت منه دم يحيى فوهبه لها فبعثت إليه من قتله وجاء برأسه ودمه في طست إلى عندها ، فيقال : إنها هلكت من فورها وساعتها وقيل : بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته ، فأبى عليها ، فلما يئست منه تحيلت في أن استوهبته من الملك ، فتمنع عليها الملك ، ثم أجابها إلى ذلك ، فبعثت من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في طست

وإنما المحفوظ في بعض ألفاظ " الصحيح " في حديث الإسراء : فمررت بابني الخالة : يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة على قول الجمهور كما هو ظاهر الحديث ; فإن أم يحيى أشياع بنت عمران أخت مريم بنت عمران وقيل : بل أشياع ، وهي امرأة زكريا أم يحيى هي أخت حنة امرأة عمران أم مريم ، فيكون يحيى ابن خالة مريم فالله أعلم
ثم اختلف في مقتل يحيى بن زكريا ، هل كان في المسجد الأقصى أم بغيره ؟ على قولين ; فقال الثوري ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، قال : قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبيا ، منهم يحيى بن زكريا ، عليه السلام وروى أبو عبيد القاسم بن سلام عن سعيد بن المسيب ، قال : قدم بخت نصر دمشق فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي ، فسأل عنه فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفا ، فسكن وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب ، وهو يقتضي أنه قتل بدمشق ، وأن قصة بخت نصر كانت بعد المسيح ، كما قاله عطاء والحسن البصري فالله أعلم
وروى الحافظ ابن عساكر ، من طريق الوليد بن مسلم ، عن زيد بن واقد ، قال : رأيت رأس يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق ، أخرج من تحت ركن من أركان القبلة ، الذي يلي المحراب ، مما يلي الشرق ، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير وفي رواية : كأنما قتل الساعة وذكر في بناء مسجد دمشق ، أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة فالله أعلم
وقد روى الحافظ ابن عساكر في " المستقصى في فضائل الأقصى " عن قسيم مولى معاوية ، قال : كان ملك هذه المدينة - يعني دمشق - هداد بن هداد ، وكان قد زوج ابنه بابنة أخيه أريل ، ملكة صيدا، وقد كان من جملة أملاكها سوق الملوك بدمشق ، وهو الصاغة العتيقة قال : وكان قد حلف بطلاقها ثلاثا ، ثم إنه أراد مراجعتها ، فاستفتى يحيى بن زكريا ، فقال : لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك فحقدت عليه وسألت من الملك رأس يحيى بن زكريا ، وذلك بإشارة أمها ، فأبى عليها ، ثم أجابها إلى ذلك وبعث إليه وهو قائم يصلي بمسجد جيرون من أتاه برأسه في صينية ، فجعل الرأس يقول : لا تحل له ، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فأخذت المرأة الطبق ، فحملته على رأسها وأتت به أمها ، وهو يقول كذلك ، فلما تمثلت بين يدي أمها خسف بها إلى قدميها ثم إلى حقويها ، وجعلت أمها تولول والجواري يصرخن ويلطمن وجوههن ، ثم خسف بها إلى منكبيها ، فأمرت أمها السياف أن يضرب عنقها لتتسلى برأسها ، ففعل ، فلفظت الأرض جثتها عند ذلك ، ووقعوا في الذل والفناء ، ولم يزل دم يحيى يفور حتى قدم بخت نصر ، فقتل عليه خمسة وسبعين ألفا قال سعيد بن عبد العزيز : وهي دم كل نبي ولم يزل يفور ، حتى وقف عنده أرميا ، عليه السلام ، فقال : أيها الدم أفنيت بني إسرائيل ، فاسكن بإذن الله فسكن ، فرفع السيف وهرب من هرب من أهل دمشق إلى بيت المقدس ، فتبعهم إليها ، فقتل خلقا كثيرا لا يحصون كثرة ، وسبا منهم ، ثم رجع عنهم

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أجمعين

15-1-1437 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي