الدرس 245 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 16 ذو القعدة 1436هـ | عدد الزيارات: 2290 القسم: الفوائد الكتابية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. الأنعام : 1 وقال تعالى : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام. الأعراف : 54 وعن ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وكعب الأحبار : أن كل يوم منها كألف سنة مما تعدون رواهن ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، واختار هذا القول الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الذي رد فيه على الجهمية ، واختاره ابن جرير ، وطائفة من المتأخرين ، والله أعلم وروى ابن جرير ، عن الضحاك بن مزاحم ، وغيره أن أسماء الأيام الستة : أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ، وحكى ابن جرير في أول الأيام ثلاثة أقوال : فروى عن محمد بن إسحاق أنه قال : يقول أهل التوراة ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ويقول أهل الإنجيل : ابتدأ الله الخلق يوم الاثنين ونقول نحن المسلمين فيما انتهى إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتدأ الله الخلق يوم السبت وهذا القول الذي حكاه ابن إسحاق عن المسلمين مال إليه طائفة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم فيه حديث أبي هريرة خلق الله التربة يوم السبت والقول بأنه الأحد رواه ابن جرير ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن جماعة من الصحابة ورواه أيضا عن عبد الله بن سلام ، واختاره ابن جرير وهو نص التوراة ، ومال إليه طائفة آخرون من الفقهاء ، وهو أشبه بلفظ الأحد ، ولهذا كمل الخلق في ستة أيام فكان آخرهن الجمعة ; فاتخذه المسلمون عيدهم في الأسبوع ، وهو اليوم الذي أضل الله عنه أهل الكتاب قبلنا ، وقال تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم. البقرة : 29 وقال تعالى : قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم. فصلت : 9 - 12، فهذا يدل على أن الأرض خلقت قبل السماء لأنها كالأساس للبناء كما قال تعالى : الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين . غافر : 64 وقال تعالى : ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا إلى أن قال : وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا . النبأ : 6 - 13 وقال : أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون . الأنبياء : 30 أي فصلنا ما بين السماء والأرض حتى هبت الرياح ، ونزلت الأمطار ، وجرت العيون والأنهار ، وانتعش الحيوان ثم قال : وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون . الأنبياء : 32 أي عما خلق فيها من الكواكب الثوابت والسيارات ، والنجوم الزاهرات ، والأجرام النيرات ، وما في ذلك من الدلالات على حكمة خالق الأرض والسماوات ، كما قال تعالى: وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون . يوسف : 105 ، 106 فأما قوله تعالى : أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم. النازعات : 27 - 32 ، فقد تمسك بعض الناس بهذه الآية على تقدم خلق السماء على خلق الأرض ، فخالفوا صريح الآيتين المتقدمتين ، ولم يفهموا هذه الآية الكريمة فإن مقتضى هذه الآية أن دحي الأرض وإخراج الماء والمرعى منها بالفعل بعد خلق السماء ، وقد كان ذلك مقدرا فيها بالقوة كما قال تعالى : وبارك فيها وقدر فيها أقواتها . فصلت : 10 أي هيأ أماكن الزرع ومواضع العيون والأنهار ، ثم لما أكمل خلق صورة العالم السفلي والعلوي دحى الأرض ، فأخرج منها ما كان مودعا فيها فخرجت العيون ، وجرت الأنهار ، ونبت الزرع والثمار ; ولهذا فسر الدحى بإخراج الماء والمرعى منها وإرساء الجبال ، فقال : والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها وقوله والجبال أرساها أي قررها في أماكنها التي وضعها فيها وثبتها وأكدها وأطدها وقوله والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون . الذاريات : 47 - 49 بأيد أي بقوة ، وإنا لموسعون ; وذلك أن كل ما علا اتسع فكل سماء أعلى من التي تحتها فهي أوسع منها ; ولهذا كان الكرسي أعلى من السماوات ، وهو أوسع منهن كلهن والعرش أعظم من ذلك كله بكثير وقوله بعد هذا والأرض فرشناها أي بسطناها وجعلناها مهدا أي قارة ساكنة غير مضطربة ولا مائدة بكم ، ولهذا قال : فنعم الماهدون والواو لا تقتضي الترتيب في الوقوع ، وإنما يقتضي الإخبار المطلق في اللغة والله أعلم

روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي وكذا رواه مسلم .
وروى البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وكانت بينه وبين ناس خصومة في أرض ، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك فقالت : يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين
وروى البخاري عن سالم ، عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أخذ شيئا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين
وذكر البخاري حديث محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا الحديث ومراده - والله أعلم - تقرير قوله تعالى : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن الطلاق : 12 أي في العدد كما أن عدة الشهور الآن اثنا عشر مطابقة لعدة الشهور عند الله في كتابه الأول فهذه مطابقة في الزمن كما أن تلك مطابقة في المكان.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1436/11/15 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 2 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي