ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثالث : بيان الإسلام والإيمان والإحسان 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 11 جمادى الآخرة 1436هـ | عدد الزيارات: 2371 القسم: شرح كتاب الأربعين النووية -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال:" بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوْسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَاب شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ الله،وَتُقِيْمَ الصَّلاَة، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البيْتَ إِنِ اِسْتَطَعتَ إِليْهِ سَبِيْلاً قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِيْمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِالله،وَمَلائِكَتِه،وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ،وَالْيَوْمِ الآَخِر،وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا،وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثَ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوله أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ) رواه مسلم

توقفنا في الدرس السابق عند الزكاة

قوله تؤتي الزكاة بمعنى تعطي والزكاة هي المال الواجب بذله لمستحقه من الأموال الزكوية تعبداً لله وهي الذهب والفضة والماشية والخارج من الأرض وعروض التجارة

فالزكاة هي المال الواجب في الأموال الزكوية فيعطيه الإنسان مستحقه تعبداً لله عز وجل ورجاء ثوابه

مثال ذلك: الدراهم والدنانير فيها زكاة وهي ربع العشر أي تأخذ ربع العشر وهو واحد من أربعين وتعطيه المستحق أي تقسم المبلغ على أربعين وتخرج مقدار الزكاة بشرط أن يكون المال بلغ النصاب وحال عليه الحول وهو من الأموال الزكوية المملوكة للمزكي

ولمعرفة النصاب نضرب 85 في سعر جرام الذهب وسعره اليوم 123 فتسأل عن سعر جرام الذهب 85 × 123 = 10455 فإذا كان لديك ذهب قيمته 10455 فتزكيه

تقسم 10455 على 40 والخارج من القسمة هو قيمة الزكاة 10455÷ 40 = 261.375

فدائماً نقسم المبلغ على 40 أي ربع العشر

وعلى سعر الجرام اليوم من كان لديه قيمة ذهب 10 آلاف لا يزكيه لأنه أقل من النصاب وتاريخ اليوم 8/6/1436 هـ فعلى سعر جرام الذهب اليوم أقل من 10455 ليس فيه زكاة

أما الفضة نضرب 595 في سعره في السوق وسعر اليوم 4 ريال سعودي 595 × 4 = 2380 فمن كان لديه هذا المبلغ وحال عليه الحول فيزكيه ولمعرفة المبلغ 2380 ÷ 40 = 59.5

أما الريال أو العملة الورقية البنكنوت فهو نفس الفضة فمن كان لديه 2380 وحال عليه الحول فيزكيه فيتصدق بـ 59.5 والقاعدة عن العلماء أنه يؤخذ بأقل العملتين لصالح الفقير وهي الفضة

وأهل الزكاة الثمانية أجملهم الله تعالى في قوله " ۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "(التوبة 60)

وتارك الزكاة لا يكفر إذا تركها تساهلاً وتبقى في ذمته إلا إذا كان جاحداً لوجوبها لكن الله توعد تارك الزكاة بقوله "يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون" وهذا من عذاب البرزخ في القبر قبل قيام الساعة

والذهب والفضة المستعمل فيه زكاة لقول عمر رضي الله عنه وبعض الصحابة وأبي حنيفة رحمه الله واللجنة الدائمة برئاسة ابن باز رحمه الله

ومن كان له مال عند مدين أو مقترض فيزكيه إذا حال عليه الحول إذا كان مليء غير مماطل أما المماطل فيزكيه إذا قبضه

والفرق بين الفقير والمسكين أن الفقير أشد حاجة من المسكين

ومن كانت أمواله عند الناس يستلمها أقساط ثم يدينها آخرين وهكذا فإنه يحدد شهر يجرد ما لدى الناس ويزكيه

وعروض التجارة ما أعد للبيع أما منزلك وسيارتك وغنمك الغير معد للبيع فلا زكاة فيه

أرض معروضة للبيع قد وضع لوحة الأرض للبيع فيزكيها إذا حال الحول عليها وهي معروضة للبيع

بقالة أو معرض سيارات أجردها وأخرج ربع العشر إذا حال عليها الحول والبضاعة قد بلغت نصاب

مثل بقالة صغيرة قيمة البضاعة ألفي ريال ليس فيها زكاة لأنها لم تبلغ النصاب

واحرص على إيصال الزكاة بنفسك ولا تتساهل فإذا ذكر لك فقير وتشك في فقره فقل له إنها زكاة وإلا فلا حتى لا تكسر خاطره

ولا يجوز إعطائها من تجب عليك نفقته من زوجة ووالدين وأولاد إلا من عجز عن تسديد دينه فيجوز أن يسدد الدين لأنه لا يجب عليك تسديد الديون عمن يجب عليك نفقته وإعطاء الزكاة الفقير القريب صدقة وصلة كما قال ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم

وتجب الزكاة في كل مكيل مدخر إلا ما كان معرضاً للتلف مثل الخضار والفواكه فلا ولا يجوز أن تعطى لفقير كافر إلا ما كان تطوعاً ففي كل كبد رطبة أجر كما قال صلى الله عليه وسلم أما المؤلفة قلوبهم فيعطون ما يكون سبباً في دخولهم الإسلام مثل رئيس قبيلة لدعوة غيره للإسلام إذا أسلم والعاملين عليها هم جبات الزكاة، والغارم لإصلاح ذات البين فيعطى من الزكاة

وابن السبيل الذي انقطع به الطريق يعطى ما يوصله لبلده

وقوله صلى الله عليه وسلم "وتصوم رمضان" بأن تمسك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تعبداً لله تعالى والمفطرات لا تفطر الصائم إلا بثلاثة شروط أن يكون عالماً وأن يكون ذاكراً وأن يكون مريداً

فضد العالم الجاهل فلو أكل الصائم يظن الليل باقياً ثم تبين أنه قد طلع الصبح الصحيح وهو يأكل فحكم الصوم أنه صحيح لأن عدي بن حاتم الطائي جعل عند رأسه عقالين أسود وأبيض وجلس يأكل حتى رأى الأبيض من الأسود ولم يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعادة بل أوضح له أن المراد طلوع الصبح الصادق من قوله تعالى " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ "(البقرة 187) ولو أكل يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب فالصوم صحيح ودليل ذلك ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم بالقضاء ولو كان القضاء واجباً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل إلينا لأنه لو كان واجباً لكان القضاء من شريعة الله ولا بد أن ينقل وهو داخل في عموم قوله تعالى " رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ (البقرة 286)".

وقوله " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ "(الأحزاب 5)

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نسى وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" ولو أكل غير مريد للأكل أو شرب غير مريد للشرب بأن كان مكرهاً فصيامه صحيح ومن ذلك أن يكره الرجل زوجته فيجامعها وهي صائمة فليس عليها شيء لا قضاء ولا كفارة ومن قطر في أذنه أو عينه فصومه صحيح حتى ولو أحس بهما في حلقه لأنهما ليسا مجرى للطعام أو الشرب لأن المجرى هو الفم أو الأنف

ومن أعطي إبرة علاجية مثل إبرة الأنسولين لمرضى السكر فصومه صحيح إنما المفطرة هي المغذية

ومن أخذ منه دم يسير للتحليل فصومه صحيح ومن ذرعه القيء فصومه صحيح إلا أن يتعمد إخراجه ومن خرج منه دم فصومه صحيح إلا أن يكون دم حيض أو نفاس وأخذ البخار لمن معه ربو لا يؤثر على صحة صومه وتعمد استنشاق البخور يفسد الصوم إلا إذا كان غير متعمد واستنشاق الغبار لا يؤثر لأنه لا جرم له عكس البخور والاحتلام وخروج المذي لا يؤثران على صحة الصوم

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1436-6-11هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر