ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثاني: بيان الإسلام والإيمان والإحسان

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 3 جمادى الآخرة 1436هـ | عدد الزيارات: 2437 القسم: شرح كتاب الأربعين النووية -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال:" بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوْسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَاب شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ الله،وَتُقِيْمَ الصَّلاَة، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البيْتَ إِنِ اِسْتَطَعتَ إِليْهِ سَبِيْلاً قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِيْمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِالله،وَمَلائِكَتِه،وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ،وَالْيَوْمِ الآَخِر،وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا،وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثَ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوله أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ) رواه مسلم

هذا حديث عظيم قد اشتمل على جميع وظائف الأعمال الظاهرة والباطنة وعلوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه لما تضمنه من جمعه علم السنة فهو كالأم للسنة كما سميت الفاتحة أم القرآن لما تضمنته من جمعها معاني القرآن

بينما: بين ظرف، وما للتوكيد، وجُلُوسٌ مبتدأ، وخبره: عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وذَاتَ يَوْمٍ ذات هنا تفيد النكرة، أي في يوم من الأيام

إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ: الرجل هنا مبهم، وهو رجل في شكله لكن حقيقته أنه مَلَك وهو جبريل عليه السلام

شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ: أي عليه ثياب بيضاء غير مغبرة وفيه دليل على تحسين الثياب والهيئة والنظافة عند الدخول على العلماء والفضلاء والملوك والتطيب بالرائحة الزكية لدخول المسجد وحضور مجالس العلم والتأدب في مجلس العلم ومع العلماء

فإن جبريل أتى معلماً للناس بحاله ومقاله

قوله "لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ" لأن ثيابه بيضاء وشعره أسود ليس فيه غبار ولا شعث السفر، ولهذا قال: لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ لأن المسافر في ذلك الوقت يُرى عليه أثر السفر، فيكون أشعث الرأس لأنهم يطيلون شعور رؤسهم مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شعر رأسه إلى شحمة أذنه

فالمسافر في ذلك الوقت يرى عليه أثر السفر فيكون أشعث الرأس مغبراً

حَتَّى جَلَسَ إِلىَ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عنده ليفيد الغاية،أي أن جلوسه كان ملاصقاً للنبي صلى الله عليه وسلم

ولهذا قال: " أَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلىَ رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَىَ فَخِذَيْهِ " أي فخذي هذا الرجل، وليس على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من شدة الاحترام

وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ولم يقل:يا رسول الله ليوهم أنه أعرابي، لأن الأعراب ينادون النبي صلى الله عليه وسلم باسمه العلم، وأما أهل الحضر فينادونه بوصف النبوة أو الرسالة عليه الصلاة والسلام

أَخْبِرْنيِ عَنِ الإِسْلامِ أي ما هو الإسلام أخبرني عنه

والإسلام لغة الإنقياد والإستسلام لله تعالى وهو شرعاً قائم على أسس خمسة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الإسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ "

تشهد أي تقرّ وتعترف بلسانك وقلبك، فلا يكفي اللسان، بل لابد من اللسان والقلب، قال الله عزّ وجل:" إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (الزخرف 86)

وإعراب لاَ إِلَهَ إَلاَّ اللهُ: هذه جملة اسمية منفية بـ (لا) التي لنفي الجنس، ونفي الجنس أعم النفي، واسمها: (إله) وخبرها: محذوف والتقدير حقٌ، وقوله: (إلا) أداة حصر، والاسم الكريم لفظ الجلالة بدل من خبر: (لا) المحذوف وليس خبرها لأن: (لا) النافية للجنس لا تعمل إلافي النكرات.

فصارت الجملة فيها شيء محذوف وهو الخبر وتقديره: حق،أي: لا إله حق إلا الله

وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ: أي وتشهد أن محمداً رسول الله،ولم يقل: إني رسول الله مع أن السياق يقتضيه لأن محمد صلى الله عليه وسلم يخاطب جبريل، لكن إظهاره باسمه العلم أوكد وأشد تعظيماً

وقوله: مُحَمَّداً هو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي من ذرية إسماعيل

قوله رَسُولُ اللهِ: رسول بمعنى مرسل، والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمر بتبليغه والعمل به

قوله صلى الله عليه وسلم:" وتُقِيْمَ الصَّلاةَ": أي تأتي بها قائمة تامة معتدلة

وكلمة الصَّلاةَ تشمل الفريضة والنافلة

فائدة

شروط الصلاة

أولاً: الإسلام وضده الكفر

ثانياً: العقل وضده الجنون، وفاقد العقل بغير اختياره لا يقض الصلاة إذا أفاق إلا إذا كانت يسيرة ومن اختياره التوقيع على العملية وذلك بوضع المخدر لجسمه فيذهب في غيبوبة فترة قد تطول

ثالثاً: التمييز وسن البلوغ 15 سنة وقد يبلغ قبل ذلك بنبات العانة حول القبل أو الاحتلام وتزيد المرأة بالحيض لكنه يؤمر بالصلاة لسبع ويضرب لعشر ضرباً غير مبرح للتدريب وليس للوجوب

أما إذا بلغ ورفض الصلاة يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً لا يغسل ولا يكفن ولا يصل عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين ولا يرثه الورثة وإنما ماله لبيت مال المسلمين إلا إذا كان لديه ورثه غير مسلمين مثل زوجة نصرانية

والبنت لا تبلغ قبل سن التاسعة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها وعمرها 9 سنوات

رابعاً: دخول الوقت، ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء طوله ثم يدخل وقت العصر إلى أن يصير الظل طوله مرتين وذلك باصفرار الشمس ويمتد إلى المغرب للضرورة ثم يدخل وقت المغرب إلى غروب الشفق الأحمر ويغيب بعد ساعة ونصف تقريباً ثم يدخل وقت العشاء إلى منتصف الليل ويمتد إلى الفجر للضرورة ثم يدخل وقت الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس

خامساً: إزالة النجاسة من الثوب والبدن والبقعة ومن نسي وصلى في ثوب نجس لا يعيد الصلاة إلا إذا ذكر أثناء الصلاة لأن جبريل أعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بقذر في نعله بعد أن صلى ركعتين فخلعهما وأكمل الصلاة والدم من بني آدم طاهر إلا ما خرج من أحد السبيلين ودم الذبيحة طاهر إلا الدم المسفوح وهو ما خرج من الرقبة أثناء الذبح أما بعد تعليقها فهو من العروق فهو طاهر

سادساً: رفع الحدث الأصغر بالوضوء والأكبر بالاغتسال

سابعاً: استقبال القبلة في الفريضة لا في نافلة السفر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر

وفي الطائرة يجب سؤال ملاح الطائرة عن جهة القبلة للفريضة ويصلي قائماً في مؤخرة الطائرة أو مقدمتها لوجود أماكن لذلك ولا يؤثر انحرافها أثناء الصلاة

وفي النافلة له أن يصلي جالساً لكن له نصف الأجر لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم

ومن صلى بدون اجتهاد ثم اتضح أنه لغير القبلة يعيد الصلاة ومن الاجتهاد السؤال سؤال موظفي الفندق إذا كان مسافراً وأراد الصلاة في الفندق مثلاً

ثامناً: ستر العورة من السرة إلى الركبة مع ستر أحد المنكبين لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء. والأمر للوجوب، والعلة هي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لا أن العاتق عورة

تاسعاً: النية فلا تصح الصلاة بدون نية ولا تصح بتقديم التالية على الأولى مثل لو دخل المسجد والناس يصلون العصر ولم يصل الظهر يدخل معهم بنية الظهر ثم يصلي العصر

هذه هي شروط الصلاة

وبالله التوفيق

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1436-6-3هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر