الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
سورة النصر مدنية وآياتها 3
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
سورة «النصر» من السور المدنية ، وتومئ إلى قرب نهاية أجل النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرج البخاري عن ابن عباس، قال:" كانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مع أشْيَاخِ بَدْرٍ فَكَأنَّ بَعْضَهُمْ وجَدَ في نَفْسِهِ، فَقالَ: لِمَ تُدْخِلُ هذا معنَا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثْلُهُ، فَقالَ عُمَرُ: إنَّه مَن قدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَومٍ فأدْخَلَهُ معهُمْ، فَما رُئِيتُ أنَّه دَعَانِي يَومَئذٍ إلَّا لِيُرِيَهُمْ، قالَ: ما تَقُولونَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ} ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أنْ نَحْمَدَ اللَّهَ ونَسْتَغْفِرَهُ إذَا نُصِرْنَا، وفُتِحَ عَلَيْنَا، وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، فَقالَ لِي: أكَذَاكَ تَقُولُ يا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلتُ: لَا، قالَ: فَما تَقُولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْلَمَهُ له، قالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ} وذلكَ عَلَامَةُ أجَلِكَ، {فَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إنَّه كانَ تَوَّابًا}، فَقالَ عُمَرُ: ما أعْلَمُ منها إلَّا ما تَقُولُ."
والسورة الكريمة وعد منه- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم بالنصر والفتح وبشارة بدخول أفواج الناس في دين الله، وأمر منه- سبحانه- بالمواظبة على حمده واستغفاره .
(نصرالله ): هو إعانة الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه ، حتى حقق له النصر عليهم.
(والفتح): هو فتح مكة . وما ترتب عليه من إعزاز الدين ، وإظهار كلمة الحق ، فإن أحياء العرب كانت تنتظر بإسلامها فتح مكة، يقولون: إنْ ظهرَ على قومه فهو نبيٌ، فلما فتح الله عليه مكة، دخلوا في دين الله أفواجا، فلم تمض سنتان حتى اجتمعت جزيرة العرب على الإيمان،ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهرٌ للإسلام ولله الحمد والمنة
(أفواجا) الأفواج: جمع فوج، وهو الجماعة والطائفة من الناس
وقوله فَسَبِّحْ جواب (إذا)
والمعنى: إذا أتم الله- عليك- أيها الرسول الكريم- وعلى أصحابك النصر، وصارت لكم الكلمة العليا على أعدائكم، وفتح لكم مكة، وشاهدت الناس يدخلون في دين الإسلام، جماعات ثم جماعات كثيرة بدون قتال يذكر، فداوم على تسبيح ربك ، وتنزيهه عن كل مالا يليق به شكرا له على نعمه ، وواظب على طلب مغفرته لك وللمؤمنين.
(إِنَّهُ) عزَّ وجلَّ- (كانَ) وما زال (تَوَّاباً) أى: كثير القبول لتوبة عباده التائبين إليه ، وفي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت :" كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يُكْثِرُ أن يقولَ في رُكوعِهِ وسجودِهِ سبحانَكَ اللَّهمَّ ربنا وبحمدِكَ اللَّهمَّ اغفر لي".
تم تفسير سورة النصر ولله الحمد والمنة.
29 - 2 - 1436هـ