الدرس رقم 400 أصناف الناس

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 5 شعبان 1433هـ | عدد الزيارات: 1662 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

في هذه الدنيا يعيش الخلقُ بقلوبٍ مختلفة،وهمومٍ متفاوتة،و لا يوجد إنسانٌ خالٍ من الهم والتفكير والتخطيط لما يُفكرُ فيه سواء أكان ما يفكر فيه صحيحاً أو خاطئاً ،مناسباً أو غير مناسبٍ
بعضنا غارقٌ في سبات أحلامه العاطفية،وآهاته الحزينة،وقد حمَّلَ نفسه هم التفكير في ذلك المحبوب الذي لا يواصله،ولا يبادله الخُلة بنفس المستوى الذي يأمله من حبيب شغل عليه ليله ونهاره،وغدوه ورواحه هذا الغارق المسكين يقضي معظم وقته قلق الفؤاد،مضطرب التفكير،مشوش الذهن بسبب علائق كسراب الوهم تبدأ ولا تنتهي،وتتكاثر ولا تتناقص دون أن يحصل المراد والمقصود الذي من أجله أغرق وجناته بالدمع وأغرق ذاته بالتفكير والحزن ولم يعلم هذا المسكين أن الحُبَّ له حدوده وله ضوابطه فقد جاء في أثرٍ فيه مقال أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما،وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما
وهناك من هو غارقٌ مع هموم تجارته ومرابحه وخسارته قد أجهد ذهنه واستنفد عمره في الدينار والدرهم الذي قد ارتبط به فرحه وحزنه وولاؤه وبراؤه وقد نسي المسكين أن الدنيا مهما كان إغراؤها لاتستحقُّ أن يُفنى العمر من أجلها ذلك أنَّ القناعة هي خيرُ ما يدخره العبد لنفسه وليس معنى ذلك أبداً ألا يسعى للرزق ولتحسين أوضاعه المادية لأن هذا من العبادة ولكن فرقٌ كبيرٌ بين من يجعل الدنيا أكبر همه وبين من يوازن بين المطالب الدنيوية دون تفريط أو إفراط وبين ما تتطلبه الآخرة

المسلم لا يعيش حياته لأجل هذه الدنيا فقط بل إنه يحقق المعادلة التي غفل عنها غيره ممن يعتنق الملل والنحل المنحرفة ، فالمسلم يعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً ويعمل لآخرته كأنه يموت غداً
المسلم مختلفٌ تماماً عن غيره فهو يعلم جيداً بأنَّ من كانت الدنيا أكبر همه فرق الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتبَ له،ويعلم كذلك أن من كانت الآخرة أكبر همه جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي صاغرة
من كان همه حسن العلاقة مع الله تبارك وتعالى فلاشك أنه سيكون في طريق الفالحين لأنه لا يوجد همٌّ أعظم من الهم بالله تبارك وتعالى والسعي إلى إرضائه لأنه هو الذي بيده مقاليد الأمور وهو الذي يمنح الرزق وبالقرب منه يحصلُ الأنس والسعادة والطمأنينة

كم من الناس لا يملك من المال إلا ما يبلغه ويسدُّ رمقه ورمق من يعول ولكنه يعيش سعادةً عجيبةً لا نظير لها وما ذلك إلا لأنه قد جعل همه الأخروي يتغلبُ على كل هم وهو ولا شك ما يبعث على الجدية وعلى العمل المتواصل وعلى الإنتاجية التي يتعدى حدود نفعها من ذات الشخص إلى المجتمع عموماً

وبالله التوفيق

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.

1433-8-5هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 9 =

/500