ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 325 الحسد

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 1 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1189 القسم: الفوائد الكتابية

أحمد الله وأشكره وأصلي وأسلم على نبي الهدى صلى الله عليه وسلم وبعد

أمر الإسلام أهله بكل ما فيه خير وبر ونفع وإسعاد ونهاهم عن كل ما فيه شر وإثم وضرر وفساد.

أمرهم بمكارم الأخلاق وأفاضل الأمور ونهاهم عن سيئها ورذائلها وهناك خصلة شيطانية ذميمة وخلة يهودية دنيئة جاء الإسلام بالنهي عنها ألا وهي الحسد يقول تعالى "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيما"(النساء 54) ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه "لا تحاسدوا "(أخرجه مسلم) أي لا يحسد بعضُكم بعضًا.

والحسد المذموم الذي جاءت الأدلة بذمه والنهي عنه هو تمني زوال ما أنعم الله به على عبد من نعمة دين أو دنيا ويشتد إثم ذلك ويعظم شره إذا سعى الحاسد في زوال النعمة عن المحسود بقول أو فعل بقول كالكذب والتأليب عليه أو بفعل كمعاكسة في الأمور وإظهار أخطائه وسيئاته على وجه التنقص والهدم لا على وجه الإصلاح والبناء

ولا غرو أن ينهى الإسلام عن الحسد أول ذنب عصي الله به وأول عامل ضلال الإنسانية وشقائها فقد حسد إبليس لعنه الله آدم عليه السلام لما رأى آدم فاق على الملائكة بأن الله خلقه بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه بجواره وعلمه أسماء كل شيء ومنعه حسده أن يسجد لآدم فامتنع فحقت عليه وعلى من تبعه اللعنة تترى إلى يوم القيامة

أحبتي

تجنبوا الحسد فإنه لوخيم العاقبة شديد النكاية يحرق القلوب ويولد فيها الشحناء والعداوة والبغضاء ما وجد في أمة إلا وأوردها أشر موارد العطب وأصدرها أفظع مصادر الهلاك ما وجد في أمة إلا وأذهب ريحها وفرقها شيعاً ما وجد في أمة إلا وأعمى قلوبها عن فهم الحق وأصم آذانها عن سماعه وأخرس ألسنتها عن النطق به ولا عجب أيها القراء فقد دفع بإبليس إلى أن يزين لآدم ولزوجه في الأكل مما نهيا عنه ولا زال بهما حتى أوقعهما في المعصية دفع بأحد ابني آدم هابيل لما أن قرب هو وأخوه قابيل قرباناً فتقبل قربان قابيل لتقواه ولم يتقبل قربان هابيل إلى أن يقتل أخاه حسداً وظلماً فجر عليه حسده الإثم العظيم إلى يوم القيامة فقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وغيره " لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إلَّا كانَ علَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها؛ لأنَّهُ أوَّلُ مَن سَنَّ القَتْلَ. "(أخرجه البخاري) لأنه أول من سن القتل دفع بإخوة يوسف إلى أن يعقوا أباً ويقطعوا رحماً بإلقائهم أخاهم يوسف في البئر حسداً وظلماً، إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة.

دفع بكثير من أهل الكتاب الذين يعرفون نبوة محمد وصفته في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم إلى أن يجحدوا نبوته حسداً للعرب، ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق دفع كفار قريش إلى حسد بني هاشم لما بعث منهم محمد صلى الله عليه وسلم فقال قائل من قريش وهو الأخنس بن شريق كنا نتسابق وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا فرسي رهان قالو منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذا، ويقول أبو جهل لعنه الله: إني لأعلم أن محمداً صادق وما كذب محمد قط ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذ يبقى لسائر قريش وصدق الله العظيم "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" (الأنعام 33) وهكذا كان مبلغ الحسد بأهله وهكذا كانت آثاره على أهله وكيف لا يكون كذلك وهو اعتراض على الله في حكمه وقضائه وعطائه ومنعه.

إخواني

جانبوا الحسد وعالجوه إذا وقع بقلب أحدكم بذكر فضائل ومحاسن المحسود وبذلك تسلمون من أخطاره وأضراره فإنه والله شقاء في الدنيا وحسرة وندامة في الآخرة

اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا واهدنا سواء السبيل

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1435/5/1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي