الدرس327 الإيمان بالقدر

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 1 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1187 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد:

الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان فلا يتم الإيمان حتى يؤمن العبد بالقدر خيره وشره ولا يتم الإيمان بالقدر حتى يؤمن الإنسان بأربعة أمور

الأول: علم الله المحيط بكل شيء فإنه سبحانه بكل شيء عليم عليم بالأمور كلها دقيقها وجليلها فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء

الأمر الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة من قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة فإن الله لما خلق القلم قال اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب ما هو كائن فكتب بعلم الله وإذنه ما هو كائن إلى يوم القيامة فما كتب على الإنسان لم يكن ليخطئه وما لم يكتب عليه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف قال تعالى: ما أًصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم.

فعلى العبد إذا جرت الأقدار على ما لا يحب أن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يستسلم للقضاء المكتوب فإنه لا بد أن يكون فلا راد لقضاء الله وقدره لكن الفخر كل الفخر لمن يقابل ذلك بالرضا ويعلم أن الأمر من الله وإليه وأنه سبحانه له التدبير المطلق في خلقه فيرضى به رباً ويرضى به إلهاً وبذلك يحصل له الثواب العاجل والآجل فإن من أصيب بالمصائب فصبر هدى الله قلبه وشرح الله صدره وهون عليه المصيبة لما يرجوا من ثوابها عند الله ثم إذا بعث يوم القيامة وهو أحوج ما يكون إلى الأجر والثواب وجد أجر مصيبته وصبره عليها مدخراً له عند الله وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وكما أن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء فكذلك يكتب ويقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة كلها كما قال تعالى "فيها يفرق كل أمر حكيم" وكذلك يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه ما سيجري عليه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:" حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ، فإنَّ الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ. " أخرجه البخاري.

وهذا الرجل يا أحبتي الذي كان يعمل بعمل أهل الجنة ثم ختم له بعمل أهل النار إنما يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ولم تكن نيته في الإخلاص والقصد نية مستقيمة فلذلك عوقب بسوء الخاتمة كما جاء ذلك مفسراً في حديث آخر

الأمر الثالث مما يتم به الإيمان بالقدر أن تؤمن بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمشيئته فوق كل مشيئة وقدرته فوق كل قدره، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون.

الأمر الرابع أن تؤمن بأن الله خالق كل شيء ومدبر كل شيء وأن ما في السموات والأرض لا صغير ولا كبير ولا حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله وخلقه فمن الأشياء ما يخلقه الله بغير سبب معلوم لنا ومنه ما يكون سببه معلوم لنا والكل من خلق الله وإيجاده

جعلني الله وإياكم ممن رضى بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد نبياً رسولاً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1435/5/1 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي