الدرس 163: باب ما جاء في منكري القدر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 22 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 1828 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قول المصنف : باب ما جاء في منكري القدر.

لما كان الإيمان بالقدر من أصول الإيمان وضع المؤلف هذا الباب ؛ لأن هذا مما يحصل به التوحيد وينتفي به الكفر ؛ أي باب ما جاء من الوعيد الشديد والتحذير الأكيد من إنكاره والتكذيب به، فالإيمان بالقدر من الإيمان بربوبية الله ، وأن من أنكر القدر فقد أشرك في توحيد الربوبية ، فالذي لا يؤمن به لا يؤمن بربوبية الله ؛ لأنه جحد قدره وعلمه وأنكر أن يكون ما يجري في هذا الكون بتقدير الله ومشيئته، قال القرطبي:"إذا قلنا إن الله تعالى قدر الأشياء فمعناه أنه تعالى علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه، فلا محدث في العالم العلوي والسفلي إلا هو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته".

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ علَى المَاءِ. ".وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمِنُ عبدٌ حتَّى يُؤْمِنَ بأربعٍ : يشهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنِّي مُحمَّدٌ رسولُ اللَّهِ بَعثَني بالحقِّ ، ويُؤمنُ بالموتِ ، وبالبَعثِ بعدَ الموتِ ، ويؤمِنُ بالقَدرِ"، رواه الترمذي وصححه الألباني.

قال البغوي في شرح السنَّة:" الإيمان بالقدر فرض لازم، وهو أن يعتقد أن الله تعالى خالق أعمال العباد خيرها وشرها، كتبها عليهم في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم. قال الله تعالى: "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" (الصافات: 96)، فالإيمان والكفر، والطاعة والمعصية كلها بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، غير أنه يرضى الإيمان والطاعة ووعد عليهما الثواب، ولا يرضى الكفر والمعصية وأوعد عليهما بالعقاب ".

وقال شيخ الإسلام:" مذهب أهل السنة في هذا الباب وغيره ما دل عليه الكتاب والسنَّة، وكان عليه السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان وهو أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه... وأنه سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في الوجود شيء إلاَّ بمشيئته وقدره، لا يمتنع عليه شيء شاءه، بل هو قادر على كل شيء، ولا يشاء شيئًا إلاَّ وهو قادر عليه، وأنه سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فقد دخل في ذلك أفعال العباد وغيرها، وقد قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم، قدر أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم، وكتب ذلك وكتب ما يصيرون إليه من سعادة وشقاوة، فهم يؤمنون بخلقه لكل شيء، وقدرته على كل شيء، ومشيئته لكل ما كان،"

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435/4/22هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر