الابتلاء 2

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 22 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 2093 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله ، يبتلي الناس ممتحناً لهم ومختبراً ؛ أَيصبرون على الملمات والمصائب أم يجزعون ؟ ومن صبر نال أجراً ، ومن جزع كسب وزراً.

وأشهد أن لا إله إلا اللهُ القائلُ " وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " البقرة:155-157. وأشهد أن محمداً رسول الله خير الصابرين الشاكرين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد

عباد الله: الله تبارك وتعالى يمتحن عباده بأنواع المصائب والملمات كما يمتحنهم بأنواع النعم والملذات، فالله يمتحننا بالنعم والنقم ليرى ظاهراً كما رأى باطناً أنصبر أم نجزع ونشكر أم نبطر ونجحد ونكفر أو نتوب إليه تعالى ونرجع عن ضلالنا أو نستمر على عصياننا ونظل على خطايانا كما قال تعالى "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ "محمد:31. وكم من غافل جاهل هلع وجزع وسخط على قضاء الله وندب حظه وما شعر ولا فهم أن هذا الكدر والضيق ابتلاء من الله وتذكير وزجر له على تقصيره وما رجع إلى ربه ولا اهتم بغضبه ولا أقلع عن ذنبه وظل على ما كان عليه ولم يتعظ وغفل عن الله العزيز القهار تبارك وتعالى "وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "السجدة:21. فكل من الخير والشر فتنة وابتلاء أو منة وعطاء أو عقاب وجزاء قال تعالى:" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " الأنبياء 35

فيا عباد الله: من أنواع الابتلاء تقسيم الحظوظ بين الناس وتفاوتهم في الأموال والأولاد والمراتب والقوة فقد جعل الله تعالى من الناس الفقير والغني والضعيف والقوي والسليم والسقيم والولود والعقيم ليعلم ظاهراً كما يعلم باطناً من يحمد ويشكر

والله تعالى يبتلي المؤمن بالضراء ليكفر عن سيئاته ويكافئه على صبره ويبتليه بالسراء ليزيده رضا وشكراً ويكافئه على شكره

قال صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.رواه مسلم.

ويبتلي الله عز وجل المجرم بالضراء ليذيقه من العذاب الأدنى قبل العذاب الأكبر عقاباً له ويملي له بالسراء ليزداد إثماً وبعداً عن رحمته فالمؤمن أسعد خلق الله في سرائه وضرائه والفاسق أشقى خلق الله في حاليه سرائه وضرائه قال تعالى:" وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواأَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (آل عمران:178.)

فالابتلاء للمؤمن نعمة عظيمة وخير كثير فهو يكفر عن ذنبه ويطهره وينبهه من غفلته ويذكره ويردعه عن هفواته

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى

أما بعد

عباد الله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " آل عمران 102 ، واعلموا أن الابتلاء من الله سبحانه وتعالى فلا تجزع وارض بما كتبه الله عليك فإن الرضا من الإيمان بالقضاء والقدر وهو الركن السادس من أركان الإيمان وهو أن تؤمن بالقدر خيره وشره ومعنى ذلك أن تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك

ومن أمثلة الابتلاء ما يمر بإخواننا الروهنجا في بورما ، من حرق وقتل وتشريد وهتك لأعراضهم فهو من الابتلاء للتمحيص وغفران الذنوب بإذن الله .

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى وجعلنا من المؤمنين بالقضاء والقدر، ووفق ولي أمرنا وولي عهده لصالح العباد والبلاد ورزقهم البطانة الصالحة ، وحفظ الله جنودنا على الثغور ، وصلى الله على نبينا محمد

ملحوظة : ألقيت هذه الخطبة لأول مرة في عام 1403هـ

1435-3-22هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 4 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي